|
|
|
مسرح الطفل واشكالية التلقي وجماليات التشخيص
مهند مختار ـ بغداد
عالم من البراءة يكتسح اروقة الدم والتفخيخ , عالم وردي يسمو رغما عن الاحزمة الناسفة , ذلك هو عالم الطفل , هذا العالم الرحب الواسع الخيال .. المتلقي دوما .. يكتسب ما يراه بلا تفكير يسبق الاكتساب او يليه .. تلك هي المشكلة لابد من المراقبة و الحذر من هذا العالم وشريحته فإن لم يتلق المعلومة بشكل صحيح يقودنا الى هاوية التهلكة في لصق الافكار الخاطئة لديه لسنوات طويلة .. وبهذا تبرز هنا فائدة مسرح الطفل في عنصر المعالجة اذ ان المسرح الذي يراه الاطفال تقع على عاتقه مهمة كبيرة وهي ترميم الفكر لدى الاطفال وكشف زوايا الطرق النيرة في مخيلتهم .. اذن لابد من تشخيص الحالة ضمن أسس جمالية تربوية مفعمة بالبراءة ولا تخلو من النصح والتوضيح والكشف والمشاركة , واهم عناصر الطفل اذا اردنا تلخيصها هو عنصر المشاركة .. لابد للمثلين في مسرح الطفل ان يعوا قضية مهمة وهي ان الطفل لابد من اشراكه في ما يٌقدم على خشبة المسرح والا كان هنالك لدينا اشكالية كبيرة في التلقي والاستيعاب و يٌدرج العمل خارج ذهن ومخيلة الطفل وبهذا يبدأ بالبحث عن اشياء اخرى لم يقدمها له المسرح و الممثلين .. وهنا يلجأ الطفل الى مفردات الشارع ويلجأ الى تفاصيل هو في غنى عنها تماما تكبره سنوات وتفقده ذائقته البريئة لعالم الطفولة ..
هنا صار علينا واجب مهم يجب ان نقدمه في اعمالنا الموجهة للطفل الا وهو التفكير بما يفكر به الطفل فنحن نفكر بشكل اوضح واكثر ادراكا و وعي .. نفهم ما يفكر به الطفل ونكمله له .. اذ ان الطفل لا يستطيع اكمال فكرته الى النهاية بشكل سليم وصحيح وذلك لاسباب عديدة تتعلق بالعمر او الحالة النفسية او المستوى الاجتماعي .. هنا تبرز المهمة الرئيسية لنا كقائمين على عملية توعية الطفل واقناعه باستكمال فكرته مع استخدام المنطق في اظهارها كي لانربك عقلية الطفل وخاصة الاطفال في المراحل الاولى والثانية والثالثة من دراستهم الابتدائية . وما يترتب علينا من واجبات هي كثيرة اتجاه الطفل ومسرحه ومن اهمها هو واجب الممثل .. الممثل اللاعب .. الممثل الساحر .. الذي يتمتع و يٌمتع .. هذا هو نوع الممثل الذي يطلبه الطفل ويحب ان يراه لا الممثل المستسهل الذي يعي تماما انه خارج قوس من الجو العام للعملية الفنية التربوية الموجهة للطفل .. بالتالي الطفل سيرفض رفضا قاطعا ما يقدمه الممثل المستسهل له وحتى ان كان ما ينطق به من نصائح جوهرية حقيقية لا يستوعبه الطفل بسبب الارباك الحاصل له من طريقة الاداء .. فالطفل هو كتلة من الاحساس و التحسس يشعر بالرضا فورا ويشعر بالغبن والاستغفال بسرعة اكبر وبهذا فمن واجب المخرج في مسرح الطفل ان يقوم بدراسة اولية للممثل لا للشخصية وامكانية اداء الممثل الفلاني لها .. الممثل المرح , الصادق , الذي ينتمي الى هذا المسرح الخطير الى هذا المسرح الصعب .. وبتحصيل حاصل ما ان جردنا المصاعب في هذه العملية فاكبرها تقع على عاتق الممثل في كسب الطفل الى منطقته وزرع جو من الالفة و الحب بينه وبين الطفل .. اذن هنا توضحت لدينا الطريقة المثلى لكسب الطفل وانجاح العرض المسرحي وهي في صدق التشخيص وبذل الجهد في توضيح المغزى وحقيقة المشاعر و الاخلاص في جماليات الصورة بلا استسهال و لا استغفال و لا التهريج .. التهريج الذي يقع فيه بعض القائمين على تقديم اعمال مسرح الطفل والسبب الحقيقي وراء ذلك التهريج هو عدم الدراية الكافية بأسس مسرح الطفل وعدم الدراية الكافية بعلم الطفل ونفسيته .. تراه لا يفقه شيئا عن مسرح الطفل ويرى انه من السهولة ان يقدم عملا بثلاثة مهرجين وستة اغاني من اغاني العصر لهيفا وهبي ونانسي عجرم وما أٌهٍل لغير وجه الله .. ويدع الاطفال يرقصون ويصرخون ويتقاتلون فيما بينهم .. هذا هو التهريج .. الكذب على الاطفال .. الكذب على انفسهم وقد شاهدنا بعضا منهم في الفترات السابقة ولكنهم لم يستمروا لاسباب تتعلق بمصداقية انتمائهم ..
هنا صارت المهمة اكبر ليس على المخرج والممثلين وكادر العمل فقط بل على الاداريين المسؤولين على مسارح الطفل سواء دار ثقافة الاطفال او دائرة السينما والمسرح وهو تخصيص لجنة فنية لدراسة واقع مسرح الطفل .. ولجنة لمشاهدة الاعمال المسرحية وتكون اللجنة متخصصة بهذا المجال وبما اننا في العراق لانملك العدد الكبير من المتخصصين في مسرح الطفل ونكاد ان نقول لا نملكهم اصلا .. فأنا ارى انه يجب على الدوائر المتخصصة بالمجال الفني ان تصنع كوادر متخصصة بالطفل ومسرح الطفل ضمن دورات اكاديمية محلية او عالمية لكي نطمأن على نزاهة اللجان ومصداقيتها ومدى افاق رؤيتها للاعمال المقدمة بالنسبة للتحكيم والمشاهدة وقراءة النصوص وغير ذلك وكي لا نقع باشكاليات اللجان اللا متخصصة كما جرى في السابق وتنظيم العملية الفنية بشكل سليم في مسرح الطفل .
مهند مختار
mkhtar670@yahoo.co.uk
|
|
|
|
|
|
|